ما هي العوامل التي تؤثر على قوة التجارة العالمية وتسبب الاختناق فيها؟

نقاط الاختناق التي تتحكم بقوة في التجارة العالمية

 يعتبر الشحن البحري العمود الفقري للتجارة الدولية، حيث يقوم بنقل أكثر من 80 بالمئة من البضائع التي تشكل مجمل التجارة العالمية. تعتمد الدول بشكل كبير على الشحن البحري لتأمين احتياجاتها من السلع والبضائع المختلفة. وبالفعل، فإن الكثير مما نحصل عليه ونستخدمه في حياتنا اليومية، مثل الأغذية والأدوية والأجهزة الإلكترونية والسيارات والمواد الخام، قد تم نقله عبر البحر.

يُعتبر الشحن البحري من أقدم وسائل النقل عبر العصور وأكثرها طلباً في السوق، نظراً لكونه الخيار الأرخص للشحن الدولي والأمثل لتغلب على المسافات الطويلة. على الرغم من تغطية المحيطات والبحار لنحو 71 بالمئة من مساحة سطح الأرض، إلا أن هناك عدداً قليلاً جداً من الممرات المائية الطبيعية والاصطناعية التي تشكل طرقاً بحرية مختصرة، وتلعب دوراً رئيسياً في التجارة العالمية.

ووصف تحقيق أجراه موقع "بلومبرغ" ونشره موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، هذه الممرات بـ "نقاط اختناق"؛ حيث أن أي تعطل في حركة المرور في هذه الممرات سيؤدي إلى تعطيل حركة شحن البضائع العالمية وزيادة التكاليف وارتفاع الأسعار.

وفقًا للتحقيق، تواجه التجارة البحرية العالمية حاليًا أكبر تجمع للمخاطر منذ عقود، نتيجة للصراعات في أوكرانيا وغزة، والتوتر بين الصين وأكبر شريك تجاري لها، الولايات المتحدة، بالإضافة إلى تعطل الممرات المائية الرئيسية بسبب تغير المناخ.

ومن الأمثلة الواضحة على المخاطر التي تواجه التجارة البحرية، هي الهجمات بالطائرات المسيرة والصواريخ التي يشنها الحوثيون في اليمن على سفن الشحن التي تبحر عبر البحر الأحمر، وهو أقصر طريق بحري يربط بين أوروبا وآسيا.

وتم حاليًا تغيير مسار أغلب سفن الحاويات حول رأس الرجاء الصالح في جنوب إفريقيا، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الشحن، وهو ما أدى إلى تعقيد مهمة البنوك المركزية في أوروبا والولايات المتحدة، حيث تقطع آخر مرحلة صعبة في مكافحة التضخم.

وقدّرت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني في فبراير 2024 أن تتسبب الاضطرابات في البحر الأحمر في زيادة أسعار السلع المستوردة من الولايات المتحدة بنسبة 3.5 نقطة مئوية بحلول نهاية عام 2024.

تم تعطيل حركة السفن في ستة نقاط بحرية

في مهمة تحديد "نقاط الاختناق" البحرية، اعتمدت بلومبرغ على بيانات من شركة كلاركسون لخدمات الأبحاث المحدودة، وهي وحدة تابعة لأكبر وسيط سفن في العالم، لتحديد 6 ممرات مائية تواجه مشاكل تتداخل مع بعضها، مما يمكن أن يحول أي حادثة غير متوقعة إلى أزمة خطيرة، وتشمل هذه المشاكل جنوح سفينة الحاويات "إيفر غيفن" في قناة السويس في عام 2021، وانهيار جسر بالتيمور في مارس 2024 الذي أدى إلى إغلاق ميناء، كان يتعامل مع بضائع بقيمة 80 مليار دولار في عام 2023. وفقًا للتحقيق الذي نشرته "بلومبرغ"، فإن نقاط الاختناق الست التي يمكن أن تقلب التجارة العالمية رأسًا على عقب هي:

مضيق باب المندب

خلال مرور القرون، أطلق البحارة على ممر باب المندب اسمًا يعكس خطورته وتقلباته الشديدة، وأصبح هذا الممر المائي الذي يبلغ عرضه 18 ميلًا نقطة عبور حيوية للسفن من وإلى قناة السويس، حيث يشكل أكثر من 15٪ من إجمالي التجارة البحرية.

ومنذ نوفمبر 2023، شن الحوثيون سلسلة من الهجمات على السفن في هذا الممر، مما دفع الشركات البحرية إلى تغيير مسار رحلاتها باتجاه إفريقيا، مما زاد على الشحنات مسافة تقدر بحوالي 6000 ميل وزادت تكاليف النقل بشكل كبير.

مضيق ملقا

يُعتبر مضيق ملقا، الذي يصل بين المحيط الهندي والمحيط الهادئ، نقطة الاختناق البحرية الأكثر أهمية في العالم، نظرًا لدوره الحيوي كممر تجاري. يتم عبر هذا المضيق نقل النفط والغاز الطبيعي المسال والسلع الأخرى إلى الصين والاقتصادات الكبرى الأخرى في آسيا، بينما تتجه السلع المصنعة في آسيا في الاتجاه المعاكس.

تمر حوالي 94 ألف سفينة سنوياً عبر مضيق ملقا، ويتوقف الكثير منها في سنغافورة لتسليم البضائع أو للتزود بالوقود، مما يجعل المياه المحيطة بالجزيرة والطرق المؤدية إليها مكاناً لانتظار السفن. ونظراً لتقاطع مسارات ناقلات النفط الضخمة مع سفن الصيد، يزداد خطر الاصطدامات، وغالباً ما تضطر السفن إلى إبطاء سرعتها عند المرور عبر المضيق، مما يسهل على القراصنة الصعود إليها.

كما أن إندونيسيا وغيرها من المواقع القريبة تشهد نشاطاً بركانياً، مما يزيد من احتمال تغيير مسار السفن بسبب ثوران البركان. وهناك خطط أولية لإنشاء قناة جديدة تمر عبر جنوب تايلاند، مما سيسمح للشحنات بالمرور بديلاً عن مضيق ملقا.

ومع ذوبان الجليد في بحر القطب الشمالي، قد تبدأ بعض السفن في تجنب مضيق ملقا من خلال التوجه شمالاً عبر الجزء العلوي من روسيا، مما يخفف بعض الضغط عن هذا الممر المائي.

تعليقات